السبت , 20 أبريل 2024

محاضرة الشيخ حسن العالي || الليلة الثامنة من شهر المحرم || بعنوان : أنماط المسؤولية في القرآن

محاضرة الشيخ حسن العالي
|| الليلة الثامن شهر المحرم ||
بعنوان : أنماط المسؤولية في القرآن .

? انسجام آيات الأمر بالمعروف

? قال تعالى ” يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ” .

? من منظور الدين للإنسان مجموعة من الوظائف و المسؤوليات و تتقدر درجة حياته بمقدار أدائه لتلك الوظائف ، فإن أدَّاها كان حيًّا بما للكلمة من معنى الحياة ، و إن فرَّط فيها أو في بعضها فقدَ من درجة حياته بقدر ما فرَّط في المسؤولية . سُئِل أمير المؤمنين (ع): من هو ميِّت الأحياء ؟ فقال (ع) : فمنهم من يُنكِر المُنكر و يده و لسانه و قلبه ، فذلك الذي استجمع كلَّ خِصال الخير ، و منهم من يُنكر بلسانه و قلبه فقد جمع خصلتين من خصال الخير و ضيَّع واحدة ، و منهم من يُنكر بقلبه و لا يُنكر بيده و لسانه فقد ضيَّع أشرف الخصلتين و مسك واحدة ، و منهم من لا يُنكر المنكر فذلك ميت الأحياء .

?ابن ميثم البحراني قال : لماذا وصفه أمير المؤمنين بميت الأحياء ؟ لأنه خلوٌ من جميع الكمالات و الخصال .

? أحد علمائنا العرفاء يقول : الميت على قسمين : قسمٌ من الميت أفقي و هذا الذي نجعله في القبر ، و قسمٌ منه ميت عمودي يعني يتحرك مع الأحياء و لكن في واقعه ميت الأحياء لأنه لم يقم بأي مسؤولية أو وظيفة اتجاه الطبائع و الوجودات التي بينه و بينها علاقة .

? قد يقول قائل : نجد في القرآن الكريم نوعًا من التهافت في الأمر بالمسؤولية ، ففي آية يقول “أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ” ، فهذه الآية يُفهم منها أن المسؤولية المُلقاة على كل إنسان فردية . بينما في آية أخرى يُبيِّن القرآن أن المسؤولية أوسع من الذات ” قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ” فهنا المسؤولية اتسعت من الذات إلى الأسرة . و نجد في آية ثالثة أوجب المسؤولية الاجتماعية “وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ  ” . فهذا يوجب التحير ، هل الله يريد منا المسؤولية الفردية أو الأسرية أو الاجتماعية أو كل المسؤوليات ؟

? في أعراف بعض الناس أن المسؤولية العامة يعتبرها تدخل في شؤون الآخرين لذلك يقول العفة أن تبتعد عن شؤون الناس و هذا خطأ ، إذا وجبت المسؤولية العامة فهي فريضة إلهية و الفريضة ليست تدخل في شؤون الناس و إنما إقامة لحد من حدود الله .

? الجواب على السؤال السابق :
?ليس هناك أي تناقض أو اختلاف بين هذين الآيات ، فالآية الأولى و الأخيرة عندما نجمعهما نفهم أن الواجب و الحكم الأولي على كل فردٍ أن يؤدي المسؤولية العامة و المسؤولية الشخصية لكن في بعض الحالات يتأبى المجتمع من قبول نتيجة الأمر ، أأمرهم بمعروف فلا يمتثلون فماذا أفعل ؟ هل أتأثر مع الناس ؟ فتأتي الآية الأولى تقول ” عليكم أنفسكم ” ، ابتداءً أنت عليك وظائف فردية و عامة لكن إذا كان المجتمع يسير وراء الضلال ، عليك أن تلزم صلاح نفسك .
?الآية الثانية و الثالثة ليس بينهما تناقض ، فالله يأمر بالوظيفة الأسرية و الاجتماعية في سياق واحد كقوله تعالى ” يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ” فهذه مسؤولية أسرية و اجتماعية .

? سر تقدم المسؤولية الأسرية رتبة

? لماذا قدَّم القرآن المسؤولية الأسرية على المسؤولية الاجتماعية ؟

?السبب الأول : عندنا قاعدة تقول ( النفس أولى بالمعروف ) أي بالقيم و المستحبات و الواجبات ، و الأسرة هي نفس الرجل ، فإذا كان الأرحام أولى بالصدقة من غيرهم فهم أولى بالقيم و الأمر بالمعروف و النهي بالمنكر من غيرهم .

? السبب الثاني : لكي يتسهل عليك أداء المسؤولية الاجتماعية عليك أن تبدأ بأقاربك فلو نجحت في دعوة أقاربك للدين تسهَّل عليك دعوة المجتمع ، فلو كان هناك داعية يأمر الناس بالمعروف إلا أن أهله غير ملتزمين بالمعروف فهذا يشكِّل عدم السماع له من الأباعد . فإذا تحولت الأسرة لكيان كامل متدين فهي خير مُعين لأداء الوظيفة الاجتماعية فاللَّه قال ” و أنذر عشيرتك الأقربين ” .

? المسؤولية الاجتماعية أكثر ثوابًا

? ميزان أعمالك يثقُل أكثر بأداء الوظائف الفردية من صلاة و صوم و حج ؟ أم بأداء المسؤولية في أطار المجتمع ؟

⁦✖⁩ الذهنية العامة ترى أن المسؤولية الفردية أهم من المسؤولية الاجتماعية فيقول أنا سأحاسب أولًا على أعمالي الشخصية فأنا أركِّز عليها أكثر و هذا من الأخطاء المركوزة عند الكثير من الناس .

? إذا جاءك الملكان المقربان سيسألانك أولًا عن ربك و قبلتك و دينك و نبيك و إمامك ، يعني أنت في خضم الحياة كنت مصطفًا مع أي مشروع ، كنت من توالي و تعادي ؟ . رسول الله (ص) دائمًا و أبدًا كان ينادي : اللهم هل بلَّغت ؟
? الله عندما تكلم عن أساس بعث الأنبياء قال ” مبشرين منذرين ”
? أنت لو وجب عليك الحج و لم تحج ، هل يوجد خبر يقول أنه ينزل عليك العذاب و تُخسَف ؟ لكن في الروايات إذا عطِّلت فريضة الحج من جميع المسلمين لم يُنظَروا ، يعني الحج بالصيغة الجماعية إذا عُطِّل تأتي العقوبة .

? حمية القرابة بين الطاعة و المعصية

? في المسؤولية الأسرية و في نمط العلاقات الأسرية هل قامت علاقاتنا بشكل و نحوٍ يؤدي إلى ترتب أثر الآية القرآنية ” قوا أنفسكم و أهليكم نارًا ” ؟ أم أن نوع العلاقات الأسرية تدفع بعضنا بعضًا إلى النار ؟ أمر رسول الله بالعاطفة الأسرية و التلاحم الأسري لكن هل العاطفة الأسرية قمنا بها بطريقة نفتح من خلالها أبواب الجنة لنا أم نفتح أبواب النار ؟

? الكثير من الأسر قائمة علاقتها على حمية و عصبية تفتح أبواب النار فيعيشون عاطفة منفلتة مع الأقارب بحيث أنه يتستر على قريبه في كل شيء ، و يحاول نصرته عند أي خلافه معه و مع الآخرين حتى لو أدى ذلك إلى التعدي على حقوق الناس فلا يرى الحق إلا في جانب الفرد التابع له في أسرته . هل هذه محبة حقيقية أم عدوانية على الأسرة في صورة محبة ؟

⁦♦⁩ إذا احتاج طفل صغير إلى عملية جراحية كي يتعافى لكن الأم أو الأب خوفًا عليه من الألم منعا عنه العملية ، هل هذا حب حقيقة ؟ . كذلك عندما أنصر من معي على أي حال بدافع الحمية و العنصرية فأنا معادٍ له لأني أدفع به إلى النار .

? القرآن الكريم قال هناك محوران : إما محور العاطفة و هو محور مُكلِف يوقع بكم في الخطيئات ، و إما أن تدوروا على محور الحق ” فاعدلوا و لو كان ذا قربى ” .

شاهد أيضاً

الشيخ رجائي البارباري – التغطية المصورة لذكرى رحيل الرسول الأعظم (ص) يوم 28 صفر 1441 هـ