حسينية أبو صيبع
الليلة الخامسة من محرم الحرام ١٤٤٢ هج
٢٤/٨/٢٠٢٠
الشيخ حسن العالي
صلة الأرحام من أوجب الواجبات
قال تعالى ( و الذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل )
مدح الله فئة في القرآن بقوله تعالى ( و الذين يصلون ما أمر الله به ان يوصل ) و ذم فئة اخرى فقال ( و يقطعون ما أمر الله به ان يوصل ) الا يكفي مدح الفئة الاولى في التعبير ر الدلالة عن ذم الفئة الثانية التي تحمل نفيض الصفة؟؟؟
المراد من ذلك بيان خطورة صفة اداء ووصل ما يجب ان يوصل و خطورة قطع ما يجب ان يوصل …القضية خطيرة لذلك القرآن الكريم اذا اراد ان يبين خطورة موضوع، يدور حوله في ايات مختلفة و مواقع عديدة
ما هو تفسير الايتين ؟؟؟
السيد الخوئي قد طرح معاني متعددة
١/ انهم امروا بصلة النبي و المؤمنين فقطعوهم
٢/ المقصود صلة الارحام و صلة القرابة …امروا بها فقطعوها
٣/ أمروا بالايمان و الاعتقاد بطاقم الانبياء و طاقم الكتب ففرقوا بينهم في الايمان
٤/ يوصلوا القول بالعمل أمروا بذلك ان يصدقوا القول بالفعل
السيد الخوئي اختار المعنى العام هو الاقوى عنده …يصلون ما يامر الله بصلته و يتبرأون من كل شئ أمر الله به ان يقطع و من أعداء الله
الاية الواحدة و رغم قصرها لها معنى عام يغذي كل الحقول الدينية لها افق عقائدي و توجيه اخلاقي و لها افق فقهي …و هذه الميزة التي تجعل القرآن حيا على مرور الازمان
أحد ابرز معاني الاية معنى فقهي و اخلاقي و هو صلة الارحام و صلة القرابة و هو من الابحاث القرانية الاساسية و المهمة
في تصنيف علماء الاخلاق فقد بينوا ان صلة الارحام من اوجب الواجبات لان نفس الواجبات مختلفة شدة و ضعفا…هناك وجوب و هناك وجوب شديد …فصلة الرحم من اوجب الواجبات و قطيعة الارحام معصية كبيرة …ذميمة اخلاقية كبيرة لان اكبر مائز بين الصغائر و الكبائر ينطبق على قطيعة الارحام ….
اهم ميزان هو ….ما اوعد الله به بالنار هو من الكبائر و الله اوعد على قطيعة الرحم بالنار ( و يقطعون ما امر الله به ان يوصل و يفسدون في الارض اولئك هم الخسرون ) الخساروة تعبير عن سوء الدار و العاقبة ….و بين الائمة ذلك بشكل واضح …فعن السجاد قوله ( اياك و مصاحبة قاطع الرحم فاني وجدته ملعونا في القرآن في ٣ مواضع ) ….و يقول الرسول ( لا يدخل الجنة قاطع رحم ) …قطيعة الارحام من الذمائم الكبيرة
١/هناك أحكام مشروطة وجوبها بالاسلام ….فلا تلقى الا بشرط الاسلام كالصلاة و الحج …وجوبهما مشروط بالاسلام …
٢/ وهناك احكام وجوبها غير متوقف على شرط الاسلام بل يجب تأديتها حتى للملحد و غير المسلم …صلة الارحام من النوع الثاني …
فلو كان الرحم من غير ملة او مذهب او من غير دين فذلك لا يسقط وجوب الصلة له …و هذا واضح في القرآن في الحديث الابوين الملحدين ( و صاحبهما في الدنيا معروفا ) اذا كان هذا هو الشأن مع القرابة الملحدين فالشأن اوضح مع القرابة الغير ملحدين …الانحراف في الدين لا يسقط وجوب صلة الارحام
ُسأل الامام الصادق أيكون لي القرابة على غير امري ….الهم حق علي ؟؟ اجابه الصادق نعم فان الرحم لا يسقطه شئ …ان كان على غير امرك فله صلة القرابة و ان كان على امرك فله حقان حق القرابة و حق الاسلام
هناك حالتين تقييد لهذه المسألة :
١/ لو ترتب على صلة القرابة الملحدين او القرابة الغير ملتزمين الوقوع في خطر عدم الالتزام فماذا يكون ؟؟؟
(وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا ۖ) أليس طاعة الابوين من صلة الرحم و ان كانت الطاعة في مخالفة الله او الوقوع في الشرك فيسقط وجوب صلة القرابة
٢/ ما لو كانت صلة القرابة الملحدين او غير المتدينين فيها تأييد لباطلهم فيتشجع على باطله و منكره هنا يسقط وجوب الصلة ….لوجوب الامر بالمعروف و النهي عن المنكر …
مسألة ( اشكالية )
قد يقول قائل قلتم ان صلة الارحام تترتب ما المحبة و المودة فاطا كان الملحدين او من اير دين فقد وقعت المحبة لهم و القرآن ينهى عن محبة من يحارب الله ( لا تجد قوما يؤمنون بالله و اليوم الاخر يوادون من حاد الله …..) فكيف تكون صلة الرحم واجبة لغير المؤمنين و الحال ان هناك صلة بين محبتهم و بين صلتهم ….صلة الوحم عبارة عن اجراء عملي شكلي ظاهري بينما المحبة امور قلبية و باطنية و يمكن التفكيك بسن العمل الشكلي. الظاهري و بسن المحبة الباطنية
لو رأيت فقيرا و اعنته هل يعني انك تحبه؟
هو علامة على حب لنفس لا حبك للفقير …داخلك حزن ووجع قلبي و انت تريد ان تدفع هذا الرجع عن قلبك لذلك تعطيه المال فالامر النفسي عائد لك لا للفقير
سؤال
من هم الاقرباء الذين تجب صلتهم ؟؟
الاقرباء و الارحام على ٣ اصناف
١/ الرحم النسبي منشأه قرابة الدم و العائلة
٢/ الرحم السببي و هو الذي ينشأ من عقد النكاح اذا تزوج احد من عائلة ينشأ بعد الزواج قرابه ( المصاهرة نسب لاحق ) بعد اتيان السبب يتحقق النسب .
٣/ النسب بالصحبة …صحبة عشرين سنة قرابة الصحبة بهذا الطول توجب الصلة و يحرم قطعها
ما هي تجليات صلة الارحام ؟؟؟
الاشخاص و الاحوال تنوع مصاديق الارحام …الصلة في زمان تقتضي المباشرة و في زمان اخر لا تقتضي المباشرة ….
صلة الرحم هي حق الناس ام هي حق الله ؟البعض يظن ان الاحكام هي حق الناس محضا او هي حق الله محضا ….كلام خاطئ
هناك احكام فيها حقان حق للناس و حق لله ….اذا كان في صلة الرحم حق للناس و حق لله فلو تجرأ طرف بقطع الصلة لا يجوز للطرف الاخر ان يقطعها …ليست مبنية على المعاوضة …لان فيها حق لله فلو قطعك واجب عليك أن تصله …مثل العشرة الزوجية …العشرة بالمعروف بين الزوجين فلو احد الاطراف لم يتعامل بالمعروف فهل يقابله الطرف الاخر بنفس الامر …لان في المسأله حق لله بجانب حق الناس
عن الرسول ص ( لا تقطع رحمك و ان قطعك )
الصادق في اغماءة الموت أوصى ان يدفع مالا للحسم الافطس …سأل …اتعطي رجلا شد عليك بشفرته ليقتلك ؟؟؟ فأجاب الامام ( الا تريدني ممن قال فيهم( و الذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل )
ان توصل من هجرك و ان تتلاقى مع من قطعك ….اسلوب حكيم لارجاع العلاقات لطبيعتها الاولى ….لو وصلت من قطعك كثرة الصلة تكون موجبة لحلحلة الحلافات
هذا الواجب العظيم أحد الفوارق الجوهرية بسن المجتمعات الاسلامية و المجتمعات الغربية …قطيعة الارحام اساس شقاوات عديدة في مجتمع الغرب
الا تجد أن كثيرا من الناس قد لا يستحي من فعل المعصية في بيئة غريبة و لكنه يستحي من فعل المعصية في بيئة العائلة فترتفع الرقابة الاجتماعية عنده
حكم فقهي و لكن لا تعيشه كأمر فردي و لكن انظر لتداعياته الاجتماعية ….
أعظم صلة للارحام صلتهم بالدين و صلتهم بالنصيحة …ليست مجرد سلام و تلاقي ….اسداء المعروف الديني هو افضل انواع الصلة للارحام
كانت كربلاء سعادة و كانت فتح مبين من تبع الحسين أدرك الفتح المبين …لذلك حمل الحسين الاسرة فهي قصة ادوار وقصة مشروع ديني عظيم
نسألكم الدعاء
