حسينية أبو صيبع
الشيخ حسن العالي
ليلة 3 محرم 1446 هـ
9.7.2024
عنوان المحاضرة : الغلو والفرار الأعمى
الضياع في المزالق العقدية
روى الصدوق في الخصال من حديث الاربعمائة عن أمير المؤمنين(ع)أنه قال:((إياكم والغلو فينا قولوا إنا عبيد مربوبون وقولوا في فضلنا ما شئتم))
أثير على هذا الحديث ثلاثة إشكالات كل واحد منها بنفسه يكفي لإسقاطه لو تم أحدها يسقط الحديث سندا ومتنا
الأول: الروايات التي جاءت بهذا اللسان ليس فيها روايه معتبرة والحديث ضعيف وموضوع.
الثاني: يتسبب هذا الحديث في تجويز الكذب فقول قولوا فينا ما شئتم يجوز الكذب والتقول والوصف من غير دليل لأهل البيت
الثالث: هذا الحديث يمكن أن يتسبب في خلق مسأله الغلو ويجعل الناس مغالين في العقيدة.
إن من أزماتنا اليوم أن البعض يقيس وزن ومقام أهل البيت بوزن عقله وقياس فكره ويتهم غيره بالغلو على رؤيته الشخصية متناسي أن حرمة الغلو ليست أن نجعل وزن أهل البيت كشؤون الآخرين، فهذا منطق الفرار الأعمى عن الغلو فهو يهرب من الغلو للتقصير
كالذي يهرب من الاسد في الظلام ويسقط من مكان شاهق فهو يهرب من الموت الى الموت
نعم نحاوب الغلو ولكن لا نزهد الناس في شؤون أهل البيت فأهل البيت أكثر من عاديين وعلى أسس مسلمة كما في الزيارة الجامعه {فبلغ الله بكم أشرف محل المكرمين،وأعلى منازل المقربين،وأرفع درجات المرسلين حيث لايلحقه لاحق، ولا يفوقه فائق، ولا يسبقه سابق ،ولا يطمع في إدراكه طامع} يمعنى أن الذي يطمع في الوصول لمقام أهل البيت فقد حاول محالاً.
فعلينا محاربة الغلو بعلم لا بعمى،فما الفائدة من محاربة الغلو وتجهيل الناس بمقام أهل البيت فقد كثر بيننا من يحارب الغلو بطرق مشبوهه بحيث يستخدم حربه شماعة لإبعاد الناس عن أهل البيت.
ومن وصايا الامام الصادق(ع):(احذورا على شبابكم من الغلاة لا يفسدونهم).
لابد إذن من معرفة مسافات الغلو ومعاني *الغلو وهل كل غلو يخرج عن الدين
هناك غلو يخرج عن الدين
وهناك غلو لا يترتب عليه شيء في ديننا
وكما وصف الدكتور شريعتي الفرق بين *التشيع العلوي والصفوي
التشيع العلوي هو قيادة ثورية نزيهه تأخذ بيد المجتمع الى النمو والانسان المتعالي.
التشيع الصفوي آمنوا بالائمة الاثنى عشر وانهم مقدوسون وهم الوسيله الوحيدة الى الله وهم كالآلهة الصغير حول الإله الكبير.
أبعاد الناس عن الغلو أوقعهم في شباك آخر
فالإنسانية لها درجات
انسان متعارف وانسان نابغه وانسان ملائكي اندمجت فيه صفات الملائكيه فأهل البيت انسان ملائكي.
في كتاب الكافي باب الامامة يعرف الائمة على انهم غير مشاركين للناس على مشاركتهم في الخلق والتركيب في شي من أحوالهم، فهم في الأحوال المعنوية فوق الإنسان وفوق نوابغ البشر.
وعندما جاء لتعريف عصمة أهل البيت قال إنهم قيادات مؤمنه نزيهة فهل القيادة النزيهه تساوي العصمة او ان العصمه فوق النزاهه فهو أعطى موقعا طبيعيا للأئمة وسلب منهم المقامات الملكوتيه
في كتاب الأمة والإمامة
فرق بين انسان مافوق
ومافوق الإنسان
اننا ابتلينا بإناس جعلوا الائمة مافوق الإنسان إذا وصفنا الأئمة بالعصمة والعلم الخاص والدلالات الروحانيه فقد أخرجناهم عن حيز الإنسانيه.
فيجب محاربة الغلو بالعلم لا الجهل
فحديث إياكم والغلو فينا قولوا…..ورد في كتب عديدة مثل بصائر الدرجات والحراني والخصال والعسكري والجرائح وله اسناد متعددة فهو من الروايات المستفيضة متعددة لها قيمة وقد حصلت على استفتائين:
الاول الشيخ الفياض قال عنها معناها ثابت وإن كان سندها غير معتبر
لأنها تصف أهل البيت بالإنسان الكامل وغير مستقلين عن الله في كمالهم.
السيد الخوئي معناها بديهي من روح التشيع ومعناها لا يحتاج الى روايه.
الإشكال الثاني:
الروايه تجوز الكذب والتقول
ورد مثلها روايات وأشكل على الأئمة وأجابوا في معاني الأخبار روى الصدوق عن عبد الأعلى بن أعين أنه قال(حدثوا عن بني اسرائيل ولا حرج،أصحيح هذا؟! قال نعم،قال إذن نقول في بني اسرائيل كلما سمعناه من الناس؟ قال الإمام كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكلما يسمع.
مامعنى الروايه حدث ولا حرج حدث عن بني اسرائيل بما جاء في الكتاب وما جاء فيهم يجئ في هذه الأمة ولا حرج أي استند على كتاب الله.
قولوا ما شئتم يعني مما ورد وجاء وفق معادلات وأدله اذا كان صحيح فصفوه لنا
الثالث: نصفهم بأنهم ألهة أو أنبياء هناك طريقتين للصناعه الفقهيه او الاستنباط:
1- النظر لكل أطراف الحديث
2-جمع كل الروايات الواردة في موضوع واحد فلا يمكن فهم روايه معزوله عن الروايات الأخرى
الروايه نفسها تنفي وصفهم آلهة وتنفي الغلو وتثبت العبودية وتنفي وصفهم بالالوهية وتجد روايات أخرى مشابهة تخرجهم عن النبوة
في كتاب الخرائج والجرائح عن الصادق ياسالم لا ترفعوا البناء فوق حجمه فينهدم قولوا إنا عبيد مربوبون وقولوا فينا ما شئتم إلا النبوة.
إذن الأئمة نفوا الغلو ولكن لا تسلبونا ما اعطاه الله اياه ففي نفس الروايه اثبات للمقام، فالروايه جاءت لإبعاد المؤمن عن أن يكون مغالي أو يكون مقصر بل تدعو للعقيدة المعتدله أي ندك حجمهم
فمن أوصاف أميرالمؤمنين فوق المدح نعمة إلهية وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها وأئمة أهل البيت مخلوقون مربوبون عبيد محتاجون مفتقرون ولكن بيننا وبينهم مسافات لا يمكن أن نتعداها
فخروج الحسين في ثورته ما كان الا بمشورة نبوية فالنبوة فوق الإمامه ولا خيار للإمام مع خيار النبوة فالحسين فوق المدح وعن أمير المؤمنين أنه قال أنا الذي تعرفون ولكني عبد من عبيد محمد.
فكل من سأل الحسين عن ثورته قال له أنا ماض في أمر أخبرني به جدي رسول الله.
اللهم اجعل محياي محيا محمد وآل محمد ومماتي ممات محمد وآل محمد
